الخبر
جاء بوتين إلي القاهرة، في زيارة لم يعلن عنها إلا قبل ٣٦ ساعة، وبعد زيارة إلى دمشق، كان فيها أول رئيس يزور سوريا منذ ٢٠١١.
التوقعات
بوتين يسمونه في صحف البروباجندا من قبيل التفخيم، “قيصر روسيا“ أو “الثعلب”، تيمناً بكتالوج مجاز الحيوانات، الذي يمنح صفات البطولة والذكاء و القوة لأبطال المخابرات، وهذه هي الزيارة الثانية في عامين، وبشرت هذه الصحف نفسها ب “مفاجاّت“ يحملها الزائر المهم الذي أغلقت تشريفته/موكبه شوارع شرق القاهرة لساعات كانت غالباً أطول من وقت زيارته، هذه :المفاجاّت كانت غالبا
١توقيع بوتين و السيسي للعقود التي يبدأ بمقتضاها فوراً مشروع الضبعة
٢عودة الطيران الروسي و السياحة الروسية
٣تدعيم موقف السيسي سياسياً، بإعتباره حليفاً، وليس مجرد “صديق” أو “معجب“ بموديل بوتين
موديل بوتين
قادم من المخابرات + ينتمي إلى النظام القديم + لكنه يدمر طبقاته المالية و السياسية + يجمع كل مصادر الثروة في قبضة مؤسساته + يحول إجهزته الأمنية إلى إدارة الثروة + يضع الجميع تحت ضغط، إلى اخر العناصر التي يغرم بها السيسي ويسير فيها على طرق بوتين
التوقيت
مهم جداٍ بالنسبة للسيسي الذي يبدو أنه في سباق مع الزمن ليكمل “بازل“ الإنجازات قبل يناير القادم، موعد تقديم أوراق الترشح للرئاسة، و“الضبعة“ في هذا البازل لها مكانة مميزة، بإعتبارها “علامة الدخول في العصر النووي” دليل القوة كما تتخيله العقول التي أصابها الرعب بعد إستخدام الأمريكان “الولد الصغير“ و هو الإسم الذي أطلق على القنبلة الذرية التي ألقيت على مدينة هيروشيما اليابانية في ٦ أغسطس ١٩٤٥ قبل أيام من إلقاء قنبلة أخري بإسم “ الرجل البدين“ على مدينة نجازاكي اليابانية
“ النووي” من يومها “رمز القوة والجبروت” ومسعى كل الدول، ورغم أن معاهدة “الحد من إنتشار الأسلحة النووية“ وضعت قيوداً تقترب من منع إستخدام السلاح النووي، وأجبرت الدول على توجيه النشاط إلى الإستخدمات السلمية في توليد الطاقة وغيرها، إلا أن ذهنيات الحرب العالمية التي مازالت مسيطرة، تتعلق بالصور القديمة، إلي درجة أصبح معها إمتلاك النووي “حلم قومي جماعي”، ولهذا جاء تخصيص منطقة “الضبعة“ لمشروع إنتاج الطاقة السلمية النووية في خطاب ألقاه جمال مبارك في مناسبة حزبية، في عز أوقات تدشينه ( عام ٢٠٠٧ ) قبل أن يصدر مبارك الأب قرراته الجمهورية بهذا الشأن . وذلك حتى يرتبط تحقق الحلم النووي و “الضبعة“ بإسم مبارك الإبن
المشروع النووي هو “السر المؤجل“ لكل رئيس، منذ الرئيس عبد الناصر ويريد السيسي أية إشارة إلى أنه سيتحقق في عهده، لتكتمل صورته ك“صانع العجائب“
التوقيت من الضفة الأخرى
الأهمية أكبر عند بوتين، الذي بدا انتقاله من دمشق إلى القاهرة، كأنه في جولة المنتصر، أو إستعراض الفائز الوحيد في أرض “خراب” لا ينتصر فيه أحد، فهو الوحيد الذي حسم “سيطرته“ على الملف السوري، وحصد نتائج بهزيمة الميليشيات الإسلامية، بل إنه في إطار عملية الإصطياد على الجبهة السورية، حقق بوتين بنسبة كبيرة من أهدافه الخاصة بالقضاء على مجموعات من الدواعش الروس، وهي مجموعات يقدر عددهم بين ٣٠٠٠ إلى ٣٥٠٠ مقاتل كانوا خلال السنتين الأخيرتين أهدافاً ذهبية لحملة بوتين على سوريا، خاصة في مراحلها الأولى.. حسب خبير في الشأن الروسي هو وسام متى
سؤال ضروري
هل وصل الدواعش الروس إلى سيناء بعد هزيمتها في سوريا؟ وهل لهذا علاقة بزيارة بوتين؟ وهل هناك علاقة بين ملف الدواعش الروس وبين توقيع مسودة إتفاق بين مصر وروسيا الأولية ،آخر نوفمبرالماضي، يسمح للبلدين بإستخدام المجال الجوي لكل منهما الآخر، وإستخدام طائراتهما العسكرية للقواعد الجوية فيهما…؟
الإجابة
لا توجد
الإستنتاجات
الإتفاقية كانت من أولويات بوتين، خاصة أنها تسمح لروسيا بالتواجد على سواحل المتوسط لأول مرة منذ طرد السادات للخبراء الروس في ١٩٧٢…وبالطبع فكرة السماح لمصر بإستخدام قواعد عسكرية روسية، سيتحول إلى جانب شكلي، أو حق غير مستخدم، نظراً لعدم وجود سابقة كانت فيها منطقة آسيا الوسطى و لا بحر البلطيق مجالا حربياً
سؤال أكثر ضرورة
هل يعني الإهتمام بهذه الإتفاقية، أن روسيا ستدخل في الحرب على الإرهاب في سيناء، سعياً وراء الدواعش الروس؟
الإجابة
مراوغة، ومصدرها الجانب الروسي فقط، لن تدخل روسيا الحرب في سيناء، لأنه كما يقول الرسميون في روسيا أن الحملة على سوريا أبعدت خطر داعش والإرهاب الاسلامي عند الحدود الروسية، وفي نفس الوقت تقول التخمينات أن القوقاز و ليست سيناء هي وجهة هذه الفلول الهاربة من سوريا، وأنهم يريدون نقل الجبهة إلى هناك، وهذا ما تعززه أخبار إلقاء القبض مؤخراًعلى خلية داعشية، وهو ما تزامن مع تصريح قال فيه مدير الأمن الفيدرالي هناك أن: داعش قد تعود إلى روسيا
بمعنى
..أن إعلان التخلص من الخطر الإرهابي في روسيا هو “ورقة إنتخابية“ ….كما أن زيارة دمشق و القاهرة تأتي في إطار إستعراض قوة بوتين الذي يخوض المعركة على الرئاسة في مارس “القادم، بينما بوتين نفسه يتم توظيفه إنتخابيآً في معركة إختيار “مرشح الدولة
كيف؟
عودة الرحلات الروسية إلى مصر، ستكون ورقة لصالح السيسي، لكنها لن تكون كذلك بالنسبة لبوتين وحسب وزير النقل الروسي فإن “توقعات حذرة تقول أن عودة الرحلات في فبراير..” و هو ما يمكن تفسيره بأن ذلك لن يتم قبل الانتخابات الرئاسية في روسيا
والنووي؟
“الضبعة” جزء من عودة الروس للمتوسط، فالمشروع حسب المخيلة الروسية سيقوم عبر شركة “روس اتوم“ التي ورثت وزارة الصناعة والطاقة في زمن الإتحاد السوفيتي، كما أن مكونات محطة الضبعة روسية ١٠٠ ٪ ، والتكاليف ٢٩ مليار دولار تدفع مصر منها ٤ مليارات، بينما ال٢٥ مليار الباقية قرض روسي بنسبة ٣٪ في السنة. ويحتاج الروس إلى مزيد من مرونة البيروقراطية المصرية كما ورد في حوار مع رئيس “روس اتوم“ على موقع الشركة في ٢٥ أكتوبر الماضي والذي قال فيه أنه لا أسرار وراء تآخر التوقيع. هذه البيروقراطية صدر لها توجيه رئاسي تدافعت بعده الإجراءات وكان بينها عقد جلسة طارئة للبرلمان، ومحاولة تجهيز كل ما يجعل توقيع “عقد الضبعة“ جاهزاً رغم أن البيان الرسمي من الكرملين لم يشر إلى توقيع عقود الضبعة، كما أن وكالات الأنباء الروسية وضعت كل ما يتعلق بالضبعة في أقسام “مال و أعمال” بينما كان مكانها في صدر الصفحات الأولى في مصر بعناوين ذات حس تبشيري”مصر دخلت العصر النووي”، رغم أن التوقيع الذي تم في إطار زيارة بوتين، هي “وثائق بداية تأسيس“ محطة نووية تحتوي على ٤ مفاعلات. التوقيع على وثائق تمهيدية أصبح في إرتفاع نبرة البروباجندا رمزا للرخاء القادم، ووصلت التصريحات على لسان الدكتور حسين الشافعي رئيس المؤسسة المصرية الروسية للثقافة و العلوم إلى وعد بأن مصر ستربح مليارات من المحطة النووية.
وماذا فعل زائر المدينة
كان يمكن أن تمر زيارة بوتين في إطار ما ذكرته البيانات الروسية عن “العلاقات الثنائية”؛ و “زمن الشرق الأوسط و شمال أفريقيا“ (تحديد يخص الإهتمام الروسي بالوصول إلى المتوسطوسواحله خاصة الليبية)…لكنها تحولت إلى زيارة تاريخية رغم ساعاتها القليلة، وهي كذلك بالنسبة للرئيس السيسي لأنها تمنح له وقتآً و مناسبة ومسرحاً للإستعراض في موسم الإنتخابات.