وينفي جوش بلانكو، أو فرج أبيض، أن تكون هويتاه سببًا للازدواج أو الفصام، ويقول إن سبب تعلّقه بالموسيقى العربية هو نشأته معها وقربها من قلبه وقلب طائفته اليهودية.
ولا يخفى عن فرج التحديّات السياسية التي تواجه مشروعه الغنائي، بالرغم من محاولته الابتعاد عنها، فمن ناحية هو اليهودي الأميركي العربي الذي يغني كلاسيكيات الموسيقى العربية وهو أمر نادر الحدوث في الوقت الراهن، خصوصًا وأن عدد اليهود الباقين في سوريا ولبنان ومصر لا يتجاوز بضع مئات الأشخاص بسبب هجرة أغلبيتهم بعد النكبة والحروب المتتالية بين العرب وإسرائيل ما أدى لتأزّم العلاقة بين اليهود العرب وأوطانهم الأصلية. وإن كان ذلك لم يكن مستغربًا في الماضي إذ لمع عشرات المطربين اليهود العرب مثل ليلى مراد وموشي إلياهو وليلي بونيش وغيرهم.
ومن ناحية أخرى، يستنكر بعض أعضاء طائفة فرج غناءه في أماكن علمانية خارج الإطار الديني المحافظ وباللغة العربية. ويقول فرج إنه مع ذلك، يتلقى تشجيعًا من بعض أفراد طائفته المعجبين بما ينجزه، وقد قابلنا أخاه وبعض أفراد عائلته في حفلٍ أحياه فرج في ملهى عربي في مانهاتن في شهر نوفمبر 2018.
يحاول فرج النأي عن الدين قدر الإمكان وخصوصًا عندما يتعاون مع موسيقيين عرب في نيويورك، ويقول إنه في أيّ وقت يعلن فيه عن عقيدته يمسي “ورقة سياسية محسوبة على هذه القضية أو تلك”. ويتمنى فرج لو يُنظر إليّه كونه فنانًا وفقط بغض النظر عن دينه. ثم يضرب مثالًا بفيروز ووديع الصافي، قائلًا إن نجوميّة كليهما لم تكن مربوطة بديانتهما المسيحية. ويحكي لنا فرج أنه في بداية تعارفه بالمطربة الفلسطينية نور دراوشة في نيويورك أخفى عنها دينه، بينما أخفت عنه أنها تعيش في تل أبيب وتتحدث العبرية.
عندما قابلتها مؤخرًا في نيويورك قالت لي نور، وهي تحضّر رسالة الماجستير في الموسيقى الأوبرالية في مدرسة بروكلين للموسيقى بمنحة من فولبرايت التي تموّلها وزارة الخارجية الأميركية، إن هناك “شعور عروبي” متأصل في فرج لدرجة أنه يتحدث العبرية “بلهجة حلبية”. وهو الأمر الذي أكده لنا فرج قائلًا إنه يرفض اللهجة العبرية الأشكينازية الخاصة بيهود آوروبا. وعندما أفصح جوش لنور بأنه يهوديّ، اندهشت نور بشدّة وهاتفت أهلها وأصدقائها في الناصرة وتل أبيب قائلة لهم “ويلكو شفتو واحد يهودي عربي وبيتكلم وبيغني عربي؟!”
معًا أحيا فرج ونور حفلات مشتركة في مطاعم وملاهٍ عدّة في نيويورك، وغنّا معًا “يا دي النعيم” التي غناها عبد الوهاب وليلى مراد، وغنّيا معًا في ليلة عيد الحب في نيوجرسي.
ومثّلت نور وغنّت دور كليوباترا في عكا ضمن عرض للأوبرا الإسرائيلية عام 2017 وأصابت من خلالها نجاحًا كبيرًا. وسُنحت لنور الفرصة قبل بضعة أيام من العرض، وذلك بعد مرض مؤدية الدور الرئيسية والسبب أن نور قد أدّت ذلك الدور بالذات في أثناء دراستها الموسيقى في جامعة تل أبيب. وباحت لي نور، بمزيج من الشغف والجدّ، عن حلمها بأن تصير فنانة عربية رائدة في مجال الأوبرا. وقالت إنه بالرغم من التمييز ضد غير اليهود في إسرائيل، ولا سيّما العرب، فإن موهبتها فرضت نفسها على المجتمع الإسرائيلي.