جليل البنداري هو صانع صورة الراقصة في الخيال العمومي.ليس وحده ؛حسن الإمام من خلال ثلاثية نجيب محفوظ له نصيب ليس قليلاً.كلاهما يجذبه المجال الفانتازي الذي تخلقه الراقصة في مجتمع يعرج بساق معطوبة في طريق الثنائيات القاتلة، التراث والحداثة او التحرر والمحافظة ، الفانتازيا حل سريع وفضفاض لخوض معارك مع المستقر و العابر ، الإندماج والتجاوز ، وهذا هو المثير في كتابة جليل البنداري الشهير في عالم الصحافة بمقالات لاذعة عن النجوم ، وفي مجال السينما بكتابة افلام” شفيقة القبطية” و”بمبة كشر” و”وداد الغازية “، وفيلم مثير اخر كتبه وأنتجه هو “الآنسة” حنفي الذي يطرح تساؤلات عن الذكورة و الأنوثة ، يمكن وصفها بالجرأة بالنسبة الي ان الفيلم انتاج 1954،( عن قصة تحول جنسي حقيقية أحدثت صدمة وقتها) حين كان المجتمع في حالة إرتباك ،والسلطة تبحث عن هوية جامعة تحقق الإنسجام تحت وطأتها.
جليل البنداري مثير ،يسير بكل حماس علي هذا الطريق منتزعاً كتابة مثيرة ومؤثرة في صنع الصور ، ليس من موقع منتج الأفكار ولكن من موقع مفجر القنابل، فهو بارع في إختراع ألقاب للنجوم ، أم كلثوم بقت فترة اسمها “ معبد الحب “ قبل أن ينتشر أكثر “ كوكب الشرق” وعبد الحليم حافظ بعد أن سماه جسر التنهدات (أصدر كتاباً تحت هذا الإسم) استقر على “ العندليب” ، أما عبد الوهاب فظل اسم كتاب جليل البنداري “ فتى النساء المدلل “، لقب سري بين ألقاب فخمة تصف دوره الفني الضخم.
كتاب “راقصات مصر “ يأتي في هذا السياق،وجدت إشارة له في أكثر من مصدر خلال مشروع بحث و كتابة طويلة ، وعندما حصلت علي نسخة بدأت أعرف سبب الإهتماما بالكتاب،المكتوب بروح إبنة زمنها تماما، الخمسينات والستينات ، حين كان جليل البنداري نجماً في عالم النجوم ، لم يشغل نفسه بالمدائح الكلاسيكية لمجرري الأخبار الفنية ، لكنه تعامل بوصفه شريكاً في هذا العالم ، سواء بالحكي عنه أو كاتبا و منتحا للأفلام أو شاعرا غنائيا (له أكثر من أغنية تنتمي إلي الكلاسيكيات مثل ياتمر حنة و تاكسي الغرام…وغيرها).
الكتاب بورتريهات مكتوبة بهذه الرشاقة التي تتقصي فانتازيا الراقصة وتقاطعاتها مع عالم الثروة والرجال والشهرة.واخترنا اليوم في #أقواس الصور التي يقدم بها جليل البنداري عالم الراقصات ويصنع منها سنداً للصورة المكتوبة بداية من شفيقة القبطية وحتي دولت سليمان.في كل منها يضع نقطة مركزية يرسم بها الصورة ويقتنص اللقب ويصنع العلبة التي يضع بها كل راقصة .
سنعود للكتاب مجددا من خلال مشروع الكتابة أو من خلال عرض مختلف ، لكن الصور جديدة وتساهم في صنع صورة الراقصة خارج الثنائيات التي يدور فيها الكتاب.
….وائل
الأقواس من كتاب “راقصات مصر” كتابة جليل البنداري، والصادر ضمن سلسلة “كتاب اليوم” لصاحبيه علي ومصطفى أمين، دون تاريخ محدد للصدور، ولا اسم لمصمم الغلاف، وعلى الغلاف الخلفي إعلان عن مصانع نوفل للحلويات والبسكويت واللبان بالإسكندرية، تأسست المصانع سنة 1919” فكانت بداية ثورة أخرى منبعثة من الثورة الوطن الكبرى: ثورة في ميدان الإنتاج الصناعي عم خيرها البلاد”.. كما يقول الإعلان.