في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
تعني وسط القاهرة بالنسبة لغالبية المصريين من أبناء الطبقة المتوسطة المكان القذر والخطير، المرتبط بالفوضى والتلوث. فهم يتغنّون بمجدها القديم، لكنهم نادرًا ما يذهبون إلى هناك. تنم مباني وسط البلد الإيطالية الأنيقة، التي كانت من قبل قلب مدينة كولونيالية، عن بريق خابٍ لمنطقة تجارية مركزية شهدت أوقاتًا أفضل. يتجنب سائقو سيارات الأجرة في كثير من الأحيان أخذك إلى هناك، تحسبًا للاختناقات المرورية رغم الشوارع الواسعة المصممة على نمط أشبه بالشبكة. مشيًا على الأقدام، يمكن للمرء بالكاد أن يسلك طريقًا بين الباعة الجائلين الذين يدفعون المارة للنزول إلى الطريق.
لا تزال وسط البلد منطقةً تجاريةً نوعًا ما، ولكن لنوعية مختلفة من الزبائن، رغم تخلى سكانها، من النخبة الأجنبية والمصرية على حد سواء، عنها منذ فترة طويلة في موجات متتالية من التحضر بعيدًا عن المركز. تحافظ سينمات أفلام الدرجة الثانية المتهالكة على شعبيتها من خلال تقديم مقاعد رخيصة في مواجهة منافسة السينمات الراقية في العديد من مراكز التسوق الجديدة في القاهرة في الضواحي القريبة، وتصطف على الأرصفة الواسعة محلات الملابس منخفضة السعر، إن لم تكن الأرخص، ذات الفترينات المبهرجة، حيث تأتي عائلات الطبقة المتوسطة الدنيا لشراء أفضل العروض.
شوارع وسط البلد كذلك، نقاط جذب للذكور من الشباب ذوي الدخول المنخفضة الذين يأتون إلى هنا في المساء للتمشية والتسكع. مؤخرًا، انتشرت الدراجات البخارية الصينية الرخيصة بين هذه المجموعات، مضيفةً طبقة من الجرائم الصغيرة، التي يرتكبها خاطفو الـمَحَافظ، إلى جانب خطر التحرش الجنسي الذي ارتبطت به وسط البلد بعد حلول الظلام بشكل متزايد خلال العقدين الماضيين.