في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
على مدار قرن كامل لعبت الفوتوغرافيا دورًا أساسيًّا في تطوير النشاط والفهم السوريالي، الذي تطور بالتوازي مع تطور التكنولوچيا والتطور الفلسفي للحركة السوريالية ذاتها. فمنذ نهاية عشرينيات القرن الماضي سبقت الفوتوغرافيا السوريالية زمنها باستخدام تقنيات مثل الفوتو كولاچ والمونتاج الفوتوغرافي والتشميس والتدوير وغيرها من تقنيات تعاملت مع الفوتوغرافيا الواقعية عبر إزاحتها من سياقها المعتاد من خلال منظور الحساسية السوريالية.. سنجد التعامل السوريالي مع الصور الأنثروبولوجية واللقطات العادية اليومية واللقطات السينمائي عبر إعادة تركيب واقع جديد لها، بالإضافة إلى تطور مفهوم الغرض السوريالي بالتوازي مع تطور مفهوم الفوتوغرافيا وهذا ما يبرع فيه روچر بالن.
أدرك السورياليون رؤيتهم الخاصة للمدينة باعتبارها “عاصمة الأحلام”، المتاهة الحضرية المكونة من الذاكرة والرغبة. ومن ثَم فإن تجربة السوريالية والفضاء الحضري وعلاقته بالغرض السوريالي كما تصور أندريه بريتون، تستدعي بالضرورة صورًا منسقة من ذاكرة المرء وخياله.. لكننا نجد اختلافًا في تجربة روچر بالن؛ إذ يتم تأطير التصور الديناميكي السوريالي من خلال الصور المرئية للهامش الاجتماعي وأغراضه السوريالية. ويثبت الارتباط بين الوعي واللاوعي أن الصور الفوتوغرافية التي تستخدم مفهوم الغرض السوريالي يمكن أن تعيد خلق الفضاء الحضري والغرض اليومي من خلال أفق بصري شعري يشير إلى معاني التجارب الحضرية الفردية أو الجمعية. ويدمج روچر بالن مفهومه عن هذا المعنى بالخيال الفردي والذاكرة الجماعية لمهمشي مدينته؛ إذ يركز على تحويل “الواقع التقليدي” إلى “واقع شعري وحشي”، يتمثل من خلال تبديل الوظيفة المعرفية النهائية للصورة الفوتوغرافية لتصبح ذات وظيفة شعرية وحشية منفتحة على الغموض الذي يقدم دهاليز جديدة لعين المتلقي.