روجر بالين: ذئب سوريالي في عاصمة الأحلام

حوار وصور

محسن البلاسي

انظر جيدًا إلى صور روجر بالين.. وتخيَّل ماذا فعلت بنا الفوتوغرافيا في رحلتها مع السوريالية.. وكيف تكون الصور قصصًا لا تشبه بعضها.. رحلات فريدة لا تتكرر.. ويتغير معها الشخص ذاته، والعالم كما ترسمه علاقة الضوء وتقنيات الكاميرا بدماغ الفنان وطريقته في نبش السطح الساكن من الحياة.. وبعد 100 عام من ظهور السوريالية، ومئات الخطوات من تيار لا يرى الواقع كما يقدم على موائد مرتبة مفتونة بالنسخ والتكرار.. ها نحن في مدينة نتيح فسحة من الوقت لنلتقي مع صور روجر بالين وصوتها المميز الصادم.

الفوتوغرافيا والسوريالية

على مدار قرن كامل لعبت الفوتوغرافيا دورًا أساسيًّا في تطوير النشاط  والفهم السوريالي، الذي تطور بالتوازي مع تطور التكنولوچيا والتطور الفلسفي للحركة السوريالية ذاتها. فمنذ نهاية عشرينيات القرن الماضي سبقت الفوتوغرافيا السوريالية زمنها باستخدام تقنيات مثل الفوتو كولاچ والمونتاج الفوتوغرافي والتشميس والتدوير وغيرها من تقنيات تعاملت مع الفوتوغرافيا الواقعية عبر إزاحتها من سياقها المعتاد من خلال منظور الحساسية السوريالية.. سنجد التعامل السوريالي مع الصور الأنثروبولوجية واللقطات العادية اليومية واللقطات السينمائي عبر إعادة تركيب واقع جديد لها، بالإضافة إلى تطور مفهوم الغرض السوريالي بالتوازي مع تطور مفهوم الفوتوغرافيا وهذا ما يبرع فيه روچر بالن.

أدرك السورياليون رؤيتهم الخاصة للمدينة باعتبارها “عاصمة الأحلام”، المتاهة الحضرية المكونة من الذاكرة والرغبة. ومن ثَم فإن تجربة السوريالية والفضاء الحضري وعلاقته بالغرض السوريالي كما تصور أندريه بريتون، تستدعي بالضرورة صورًا منسقة من ذاكرة المرء وخياله.. لكننا نجد اختلافًا في تجربة روچر بالن؛ إذ يتم تأطير التصور الديناميكي السوريالي من خلال الصور المرئية للهامش الاجتماعي وأغراضه السوريالية. ويثبت الارتباط بين الوعي واللاوعي أن الصور الفوتوغرافية التي تستخدم مفهوم الغرض السوريالي يمكن أن تعيد خلق الفضاء الحضري والغرض اليومي من خلال أفق بصري شعري يشير إلى معاني التجارب الحضرية الفردية أو الجمعية. ويدمج روچر بالن مفهومه عن هذا المعنى بالخيال الفردي والذاكرة الجماعية لمهمشي مدينته؛ إذ يركز على تحويل “الواقع التقليدي” إلى “واقع شعري وحشي”، يتمثل من خلال تبديل الوظيفة المعرفية النهائية للصورة الفوتوغرافية لتصبح ذات وظيفة شعرية وحشية منفتحة على الغموض الذي يقدم دهاليز جديدة لعين المتلقي.

مصادفة مع الذئاب السوريالية

أؤمن بأن ما جمعني بذلك القطيع الذئبي هي المصادفة الموضوعية، ولا شيء غيرها، إذ تشكل فينومينولوجيا المصادفة الموضوعية أحد أهم المفاهيم التي قامت عليها فلسفة هذا الفن، وهو تبرير موضوعي للمصادفات المفاجئة والمدهشة.. وهذا اللقاء هو ابن شرعي للمصادفة الموضوعية السوريالية.. منذ ما يزيد عن عشر سنوات وفي أثناء احتضار مراهقتي، وقبل تأسيس أي نشاط سوريالي منظم ومعاصر في الشرق الأوسط تعرفت على أعمال روچر بالن، حينها كان بمجرد أن تكتب على جوجلSurrealist Photography ستجد أعمال روچر بالن تصعق رتابة مستقبلاتك البصرية.

كنت في هذا الوقت أقصى ما أطمح إليه هو أن أقتفي آثار أعمال تلك الذئاب السوريالية الأسطورية، ويأتي اليوم الذي أعمل مع أسماء مثل روچر بالن وعبد القادر الجنابي وبينلوب روزمونت وويل ألكسندر ومجموعة باريس السوريالية ومجموعة شيكاغو، وغيرهم من أسماء شكلت المحرك لتطور الحركة السوريالية العالمية على مدار قرن كامل، وها نحن اليوم ننظم هنا؛ في قاهرة چورچ حنين وچويس منصور وألبير قصيري المعرض الدولي للسوريالية للمرة الأولى منذ عشرينيات القرن العشرين خارج أوروبا وأمريكا.

كان هذا هو الجسر الذي ربط بيني وبين روچر، وبدأ الأمر منذ التنسيقات الأولية غير المعلنة لتنظيم المعرض الدولي للسوريالية بالشراكة بين أكاديمية الفنون المصرية وغيرها من المؤسسات الفنية وبيت أندريه بريتون في مصر، ثم في سان سيرك لاپوپي في فرنسا. وبشكل مفاجئ لنا تحمس روچر بالن للمشاركة في المعرض، بل قرر القدوم إلى القاهرة في فبراير القادم للمشاركة في الفعاليات الحية التي تصاحب المعرض. وفي أثناء تبادل الرسائل بيننا لتنسيق مشاركة روچر ووصول أعماله إلى القاهرة التهم عقلي جوع سوريالي فطلبت منه إجراء حوار باللغة الإنجليزية لينشر في النسخة الفرنسية من مجلة الغرفة، وبالفعل تحمس روچر وبدأنا في العمل معًا بالتوازي؛ على مشاركته في المعرض بأعمال فنية وندوة سيكون ضيفها في القاهرة وأنشطة حية سيشارك فيها أثناء وجوده في القاهرة، بالإضافة إلى هذا الحوار.

بهذا كانت مدينة المكان المناسب تمامًا لنشر هذا الحوار ربما لخصوصية شكل المدينة المفضلة عند مخيلة روچر بالن، فقد ترك روچر مدينته الأم نيويورك بأصواتها ووجوهها المكدسة، وخلق لنفسه مدينة خيالية داخل المدينة التي اتخذها وطنًا جديدًا له؛ جوهانسبرج، حيث كرس مخيلته الفوتوغرافية منذ عام 1982 لخلق مشاهد وحشية وسوريالية لصعاليك ومنبوذي جوهانسبرج، خصوصًا من أصحاب البشرة البيضاء. في بداية هبوطه على جوهانسبرج كانت مهمته الرئيسية تفكيك المشاهد اليومية للهامش الاجتماعي للمدينة الأفريقية المختلطة. هذا التفاوت البشري كان الغذاء الذي تغذت عليه كاميرته السوريالية، ظلمة الوجود البشري الباطني، أو في اللغة الأفريكانية skadukant، وهي المساحة التي أطلق فيها روچر عدسته السوريالية أو البالينسكية (نسبة إليه) كما يحب أن يطلق عليها.

ورث روچر  مهنة التصوير الفوتوغرافي عن والده الذي كان محررًا فوتوغرافيا في وكالة ماجنوم للتصوير الفوتوغرافي. وبدأ روجر التصوير في سن مبكرة، وصب اهتمامه على تصوير تظاهرات الحقوق المدنية، ثم درس علم النفس والتعدين عام 1982، وبعد عمله في مجال التعدين وجد نفسه متجولاً في أكثر المناطق المهمة في جنوب أفريقيا

 “Platteland”نشر في 1994 كتابه 

 ومن بعدها طور بالين أسلوبه الفوتوغرافي، فابتعد بشكل تصاعدي عن التصوير الوثائقي والواقعي، وما يزال يفعل حتى الآن. 

دائمًا ما توصف أعمال روچر بالن بالسوريالية لكنه على مدار أكثر من ثلاثين عامًا من تاريخه الفني لم يعلن أو يناقش بشكل مباشر انتماءه للسوريالية سواء بشكل جماعي أو فردي. وللمرة الأولى في هذا الحوار؛ أول حوار يجرى معه في الشرق الأوسط يناقش انتماءه لهذا النوع من الفن.. أسس روچر مفاهيم خاصة به مثل مفهوم البالينسكية فيما يخص الاستكشافات الباطنية للعقل البشري عبر إثارة غريزة الخوف في جمهور لا يميل إلى الاستبطان.. وتحاول أعمال روچر بالن خلق علاقات جديدة بين لا وعي الفنان والمتلقي.

يقول روچر بالن: إذا كان لصوري صوت… إذا جاء الناس وسألوا” ماذا ستضع في الصور إذا كان عليك تسجيل شيء ما؟ أقول دائمًا نفس الشيء: لا شيء.. الصمت.. لطالما كان التصوير الفوتوغرافي وسيلة للنفسية، ووسيلة للخلق النفسي والذهاب تحت السطح لمحاولة العثور على ما نسميه “الجيوب الخفية.. يجب أن تتمتع الصورة بالقدرة على وضع نفسها في عقل شخص ما في أجزاء من الثانية”. ولم تقتصر إسهاماته على التصوير الفوتوغرافي للصور الثابتة، فقد صنع عدة أفلام قصيرة.

I FIND You Freaky وقد حقق فيلمه الجماعي 

الذي أنتج في 2012 أكثر من 125 مليون مشاهدة على منصة يوتيوب

حصل روچر بالن على العديد من الجوائز منها

-Lifetime Achievement Award, Bokeh SA Awards 2019

-Honorary Doctor of Art and Design, Kingston University, United Kingdom 2018

-The Asia Pacific Brands Foundation Legendary Award, 2017

-Süddeutsche Zeitung Magazin, Edition 46, Artist of the Year, published on 14 November 2014

-Best Music Video, I Fink U Freeky, Plus Camerimage International Film Festival of the Art of Cinematography in Bydgoszcz, Poland

-I Fink U Freeky. Award for best music video at the 20th Short Vila do Conde International Film Festival, Portugal, 2012

-Finalist – Lucie Awards

-Curator/Exhibition of the Year: Roger Ballen: Photographs 1982 – 2009. Curated by Dr. Anthony Bannon for the George Eastman House, Rochester, New York.

-Art Directors Club Award Photography – 2006

-The Selma Blair Witch Project – New York Times Magazine,

بينما نشر عدة كتب منها

روچر الجرذ (2020)، والعالم حسب روچر بالين (2019)، والبالينسكية 2017، ومسرح الأطياف 2016، وغيرها.

بعض أفلام وڤيديوهات لروچر بالن 

https://youtu.be/GPLJ_lOMYmU 

https://youtu.be/8Uee_mcxvrw

 https://youtu.be/Mv-E6S51VCo

 https://youtu.be/AIaGqclYfFs

https://youtu.be/Rk3ROewNwyQ

https://youtu.be/Pmiw7AycwXE

https://youtu.be/PkVyjgtZK5Y

https://youtu.be/K_9EBC8vNEI

 https://youtu.be/Hy1X8xkwkg0

https://youtu.be/OAAs-tom5BM 

https://youtu.be/8aileqPUo3Q

https://youtu.be/d0o3TwZ6iE 

https://youtu.be/qur8IdkeUwg

الحوار

غلاف كتاب العالم وفقاً روجر بالين

أحيانًا يوصف عملك بأنه فوتوغرافيا سوريالية، لكن هل يصف روچر بالين نفسه بأنه سوريالي بالمعنى الشامل والمحدد والتاريخي للكلمة؟ بمعنى آخر، ماذا تعني لك السوريالية؟

السوريالية تعني حرفيًّا “فوق وما بعد”.. ويعتمد المفهوم على الإيمان بواقع أكبر يتجاوز العقل البشري والعقلانية.. تدرك السوريالية أهمية ما هو غير متوقع وما هو غريب، كل ما ينشأ في الأحلام ويمكن التعبير عنه بأشكال فنية.

وأنا أؤيد هذه الفلسفة تمامًا، إذ يسعى عملي إلى تحرير العقل اللاواعي وإظهاره.. ولكي أكون أكثر تحديدًا، من خلال تجاور الظروف والمواقف والأشياء غير المتوقعة، أسعى جاهداً لتقديم الأعمال الفنية التي تثير وتستدرج الاستجابة من المشاهد وتنقر على جوانب من نفسه لا يدركها في مساره اليومي العقلاني.

أفهم المعنى التاريخي للكلمة، وأؤيد وأتشرف بتعريف أندريه بريتون لعام 1924 في بيانه عن السوريالية: السوريالية هي استقلالية نفسية خالصة يُقصد بها التعبير عن الوظيفة الحقيقية للفكر حتى لو غابت كل سيطرة تمارس بواسطة العقل.. وبالنسبة لي شخصيًا، تعني السوريالية الترخيص الفني للتعبير عن واقع يتجاوز العقلانية من خلال إنشاء صور مدهشة ومقلقة وصادمة للمألوف ودمجها مع كل ما هو غريب، للتعبير عن الأرشيف/ المستودع الباطني الكامن في العقل البشري، بحيث يمكن استغلال العقل الباطن باعتباره قوة إبداعية للفنان والمتلقي لإطلاق العنان لقوة الخيال.

“السوريالية، وأفريقيا” ما الذي يتبادر إلى ذهنك عندما تضع هاتين الكلمتين بجانب بعضهما بعضًا؟

بُنيت السوريالية على حركة دادا التي كانت رد فعل لرضا الطبقة الوسطى عن نفسها واعتقادها في التفوق المطلق لسلطة التفكير العقلاني، تبنت السوريالية هذا الموقف الدادائي الذي أعاد الاعتبار “للمصادفة” و”أهمية اللاعقلاني”. وعلى النقيض من تركيز المجتمع الغربي على التفكير العقلاني والسلوك الفردي وطبيعة الذات، يركز المجتمع الأفريقي على المشاعية والجماعية وعلى الطقوس والأنشطة التي تدعم وتمارس لأجيال متتالية في المجتمع – غالبًا باستخدام عمليات غير عقلانية لها أصول عريقة. وغالبًا لا يوجد منطق وراء هذه الممارسات وهناك اعتقادات بالقوى العليا الروحية للأسلاف التي هي في الأساس قوى خيالية.

ولأنني أعيش في جنوب أفريقيا، فأنا أتعرض وأدرك حقيقة أن النظام العقلاني والمنطقي لا يمثل بالضرورة “الوضع الراهن” هنا في أفريقيا؛ حيث يعاد الاعتبار للخرافات والمعتقدات والقيم الثقافية القديمة، وكذلك الممارسات غير العقلانية مثل التنجيم ورمزية الحلم بدرجة أكبر من الفكر والاستنتاج العقلاني. وهكذا، فتجاور “السوريالية” و”أفريقيا” يبدو مناسبًا تمامًا بالنسبة لي.

وقد صاغ مصطلح الأفرو-سوريالية الشاعر أميري بركة في 1974، وتوجد حركة تسمى “الأفرو-سورياليزم ” في الفن والأدب كانت موجودة منذ السبعينيات، تنص في بيانها على أن “الأفرو-سورياليين يستعيدون عبادة الماضي ويفترضون مسبقًا أنه خارج هذا العالم المرئي، يوجد عالم غير مرئي يسعى إلى الظهور، ومهمتنا هي الكشف عنه”..

 نحن، كمجموعات سوريالية، نسعى دائمًا للتواصل والعمل مع المجموعات السوريالية الأخرى، لكننا لم نعثر بعد على مجموعات سوريالية أخرى في أفريقيا، إذ أن السوريالية، ككل، كانت ضحية لعملية اختزال طوال فترة وجودها التاريخي، هل ترى أن فكرة مجموعة سوريالية منظمة لا تزال مهمة كقاطرة للفن المعاصر؟ بعبارة أخرى، هل يفضل روچر بالن السوريالي المستقل أم السوريالي المتورط في مجموعة سوريالية؟

إنني أدرك تمامًا أن التعبير عن التعقيد الكامل للعقل البشري هو مسؤولية الفن التطوري.. وبسبب إيماني بهذا أعتقد أن الموقف السوريالي سيكون دائمًا مهما للغاية في الفن المعاصر.
لست متأكدًا من أن المجموعات المنظمة ما زالت ضرورية، لكن هذا رأي شخصي. وأنا أفضل أن أكون سورياليًّا مستقلاً، لأنني كشخص، كنت دائمًا مستقلاً.

كيف ترى صناعة السينما القصيرة المستقلة اليوم في أفريقيا؟

يوجد الآلاف مما يسمى بالأفلام القصيرة التي تنتج كل يوم في أفريقيا، مثلما هو الحال في كل مكان آخر في العالم، ويجب على المرء أن يميز بين الأفلام القصيرة التي قد ينظر إليها على أنها أعمال فنية في مقابل كونها مجرد تسجيل شخصي لبيئة لحظية واحدة.

هناك العديد من صانعي الأفلام الموهوبين في أفريقيا الذين يواجهون مشكلة التمويل والتوزيع المستمرة ومع ذلك، فقد قدم الإنترنت طريقًا بديلاً لهم..

مرت مئة عام على تأسيس الحركة السوريالي؛ قرن كامل تطور فيه الاغتراب البشري بالتوازي مع التطور التكنولوجيا والوحشية الرأسمالية. ومع دراستك لعلم النفس وتجسيد هذه الدراسات في حياتك الفنية، على مدى سنوات عديدة، كان عملك دائمًا يجسد تشبع المجتمعات الهامشية بالاغتراب والوحشية.في عام 1924 نشرت مجلة “Surrealist Revolution” في باريس استفسارًا سورياليًّا بعنوان: هل الانتحار حل؟ وكانت مقدمته: نحن نعيش، نموت. ما هو دور الإرادة في كل هذا؟ يبدو أننا نقتل أنفسنا في بنفس الطريقة التي نحلم بها. وهو بالطبع ليس سؤالًا أخلاقيًّا نطرحه بقدر ما أشعر بالقلق، يجب على كل فرد أن يقرر ما إذا كان الانتحار خيارًا أم لا. لست قادرًا على اتخاذ قرارات بشأن هذا الأمر للإنسانية جمعاء ماذا لو أعدنا طرح هذا السؤال عليك؟ 

لا يوجد أي سبب على الإطلاق يجعلني أرغب في التفكير في الانتحار. بما أنه ليس لدي أي فكرة على الإطلاق عما سيحدث لي عند وفاتي، فلا يوجد سبب لتقصير حياتي على هذا الكوكب.. عندما تكون هناك فرصة جيدة سأفعل وأختفي إلى الأبد.

هل الانتحار حل؟ لا حل في عيش الحياة، ولا حل في الانتحار. لذلك، بما أنني أعيش وأخلق معنى لنفسي وللآخرين، لا يمكنني التفكير في الهدف من إنهاء حياتي.

أعتقد أن لديك مفهومًا خاصًا لمفهوم المصادفة الموضوعية، والتي تتجسد في الأشياء المهملة التي تستخدمها في صورك لتدمير رتابة التكوينات البصرية المنطقية للحياة اليومية.

إذا نظرنا إلى عملك على مدار السنوات الماضية، فسنجد أن هذه المخلوقات مرتبطة ببعضها بعضًا عبر روابط خفية.. يبدو الأمر كما لو كنت تقوم، بشكل تراكمي، بإنشاء غابة متكاملة من المخلوقات المهملة والمهمشة.. نريد أن نعرف المزيد عن فلسفتك الخاصة فيما يخص المصادفة الموضوعية وخلق المخلوقات والأشياء السوريالية والوحشية المهملة.

لا أحضر صوري قبل أن أبدأ العمل، ولا أحاول تعريف عملي بالكلمات. تتطور صوري أحيانًا من خلال آلاف القرارات التي تكون في الأساس نتيجة لقدرتي على إنشاء نظام من الفوضى، لربط شيء بآخر بطريقة يتم فيها إنشاء معنى عضوي معقد.

كلمة ” الفرصة” هي مصطلح مستخدَم كثيرًا في التصوير الفوتوغرافي ولا يكون من السهل فهمه عند التفكير المعتاد.. في الأساس لا توجد فرصة، يخلق المرء الظروف المسؤولة عن وقوع الأحداث.

في النهاية، هدفي في الصور التي أقوم بإنشائها أن تكون متقنة وأن تكشف عن محتوى معقد مع معانٍ أعمق مرتبطة به.

 

سأقول لك عدة أسماء وكلمات، وسوف تخبرني ما تمثله لك هذه الكلمات..

 أندريه بريتون:

الخالق الأول للسوريالية..

فرويد:

أحد أعظم العباقرة في تاريخ البشرية. توغل في الأعماق النفسية للإنسان برؤية متأصلة وخارقة.

مان راي:

يمكن اعتبار صوره ذروة السوريالية في تاريخ

التصوير.

الجرذ:

يرمز الجرذ إلى الهوية الفرويدية في المجتمعات الغربية.. هذا الحيوان هو النموذج الأصلي للفوضى والمرض وقوى الطبيعة التي لا يمكن السيطرة عليها.

اللون الأبيض:

 يمثل الأبيض الوهم الكاذب بوجود نظام في العالم.

اللون الأسود:

يمثل اللون الأسود الجزء الذي قمعناه من العقل والذي نريد تجنبه بأي ثمن.

الميتافيزيقيا:

الواقع لا يسبر غوره.

صمويل بيكيت:

أنا ممتن لصمويل بيكيت عندما قدم لي مفهوم العبثية في الوجود البشري.

الظل:

الظل هو الجزء المدفون من العقل الذي يحتوي على جوهر هويتنا والتي نخشى أن نتعامل معها.

جنوب أفريقيا:

مكان على الكوكب توجد فيه البالينسكية .

الرجل الخنزير:

في بعض الأحيان أعتقد أنه من الإهانة لخنزير أن يطلق عليه إنسان.

المسرح:

جانب حاسم من الجمالية البالينسكية.

الجمال:

من الصعب دائمًا معرفة ما إذا كان الجمال نموذجًا أصليًّا أم ثقافيًّا.

القبح:

من الصعب دائمًا معرفة ما إذا كان القبح نموذجًا أصليًّا أم جلديًّا.

المستحيل:

فهم معنى الحياة نفسها.