في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
يحكي نجيب محفوظ حكايته مع المجلة الجديدة ومقرها وسلامة موسى وروايته عبث الأقدار؛ فيقول “عرفت سلامة موسى خلال متابعتي لمجلته، المجلة الجديدة، وأنا تلميذ في المرحلة الثانوية، وفي تلك المرحلة المبكرة بدأت في إرسال كتاباتي الأولى إلى المجلة الجديدة عن طريق البريد؛ وأدهشني أن سلامة موسى ينشر كل ما أرسله إليه، كانت كتاباتي عبارة عن مقالات فلسفية وملخصات لأعمال إبداعية لكبار الأدباء الغربيين خاصة هنري إبسن وتشيكوف وسترندبرج وبرنارد شو، بالإضافة إلى قصص قصيرة هي أول ما كتبت، وذات مرة ذهبت إلى مقر المجلة الجديدة لأسلم أعمالي مباشرة إلى سلامة موسى، وكم كانت دهشة سلامة موسى حينما رآني، فقد ظن أنني أكبر من ذلك ولست مجرد تلميذ في الثانوية العامة، وقد استمرت علاقتي بالمجلة الجديدة وأنا في طالب في الجامعة، وبعد تخرجي أصبحت واحد من كتابها، إلا أن علامات الدهشة لم تفارق سلامة موسى في كل مرة يراني فيها، ولم أحصل على مليم واحد مقابل ما نشرته في المجلة الجديد، لا أستطيع أن أحكم على سلامة موسى الإنسان من خلال تلك اللقاءات البسيطة، أما سلامة موسى الأديب والمفكر فأستطيع القول أن تأثيره كان كبيرًا في جيلنا، وقد أضاءت كتبه ومؤلفاته أمامنا الطريق نحو الحياة الحديثة والأفكار المعاصرة؛ فمن خلال سلامة موسى عرفنا معنى الفابية والاشتراكية وحرية الفكر وكل المصطلحات الغربية الجديدة بالنسبة لنا، وقبل لقائي بسلامة موسى كنت قرأت معظم كتبه، وجذبني إليه أسلوبه البسيط المعبر وحججه القوية المقنعة وثقافته الواسعة وحماسه الشديد لآرائه، وقد صدرت أول طبعة من روايتي عبث الأقدار عن دار المجلة الجديدة التي يملكها سلامة موسى، وكان أجري عن التأليف عبارة عن 500 نسخة، وقد احترت ماذا أصنع بكل هذه النسخ فاستأجرت عربة حنطور ووضعت كل الكتب فيها وسرت حائرًا لا أدري أين أذهب بها، ولم يكن باستطاعتي حملها معي إلى المنزل، وفي باب اللوق لمحت مكتبة اسمها مكتبة الوفد، ودون تردد أوقفت العربة وناديت على صاحب المكتبة الذي أنزل النسخ ثم عرضت عليه شراءها دفعة واحدة وبيعها في مكتبته، وبعد فترة من التفكير وافق الرجل وعرض قرشًا واحدًا للنسخة، أي ما مجموعه خمسة جنيهات، لكنه اشترط أن يحاسبني بعد البيع وأنه كلما باع نسخة سيدفع لي قرشًا ووافقت على هذه الصفقة العجيبة“.