في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
1
لم يلتفت أنسي ساويرس كثيراً في الحفل.وجهه منحوت ثابت الملامح ، كأنه في عالم أو زمن بعيد، مكتفياً بحضور رمزي صامت،في الحفل /الكرنفال الذي كان مزيجاً من الحفلات العائلية و المناسبات الوطنية و طقوس التدشين.ساويرس الأب بأعوامه التسعين أيقونة العائلة و”إله الحظ” الذي أسس شركة “أوراسكوم” عام ١٩٥٠.
حضورالأب هو احتفال بقوة العائلة،وتأثيرها في نجاح الأبناء الثلاثة، الذين يقسمون العمل والأدوار ويتركون لنجيب،الأبن الأكبر، موقع الواجهة، أو صانع الألعاب الحر في منتصف الملعب، وتقاطعات “ الشركة/العائلة “ مع الدولة والعالم. ساويرس(نجيب) وحسب شخصيته و موقعه من العائلة ،لايكتفي بالبيزنس،يتحرك منه الي السياسة و الميديا والرياضة، وهي مجالات خطر في دول تضع قبضتها علي كل مايتصل بالجماهير ، لكن نجيب محترف في “ضبط الخطر “ بالحفاظ علي “ العلاقة “ مع اعماق الدولة وعلي المسافة معها في نفس الوقت ، معادلة تجعلنا نراه في منطقة وحده ، بينما تتشابك أدواره العلنية والسرية بما يوحي أنه “ تحت عناية مركزة “ من الدولة ، لكنه ليس من المحظيين و المحظوظين الذين ينالون تصاريح تكوين الثروات ،مقابل تنفيذ الأوامر حرفياً، نجيب و عائلته ليسوا اغنياء الدولة ولا من “الحاشية المالية” للمجموعة المحتكرة للسلطة والثروة و السلاح.
وبسبب اغلاق المجال العام ، والسيطرة المفرطة علي كل مجالات الاتصال مع الجماهير، تبدو حركة نجيب لاعب العائلة ملفتة ومثيرة و مؤثرة ، تنفذ أدوارا يمكن ان تستفز حمية محدودي الأفق من المغرومين بسلطتهم، الذين يحبون الطاعة أكثر من إتمام المهمة، وبين هذه الدوائر المتشابكة والمعقدة والرثة معا،حقق نجيب مهرجان الجونة، مصحوباً بعائلته كلها،وبحضور رمزها التاريخي ، مغامراً في منطقته الآمنة ، ومراهنا علي الفراغ الذي لا يجعل أحد سواه (بعد غياب أساطين مثل حسين سالم) علي ان يدير عالم الترفيه واللهو بمنطق يحقق أهداف الدولة في غياب قبضتها.
أضاف حضور العائلة المكثف،مشاعر حميمة لمهام عادةً ما تتم وسط جفاف وصلف البيروقراطيين بكافة تمثيلاتهم السياسية و الأمنية و الادارية ، ومرت مهمة اظهار “صورة أُخرى” لمصر،بخفة المجال العائلي الذي يستضيف نجوم وفنانين حول عالم السينما اللذيذ والمحبب لعموم الناس.
وتأكيداً للحميمية قدمت الفكرة علي انها امتداد لعشق نجيب للسينما “يري فيلما كل يوم و لديه احلام باستعادة المجد القديم و الريادة الضائعة “،وهي الشراكة الأولي بين الأخوين نجيب وسميح الذي لايحب السينما و”الفيلم بالنسبة له محفزا للنوم” ،لكنهما التقيا في عمل مشترك سميح بمشروعه الكبير(الجونة ) و نجيب بدوره المنتظر في قيادة “ الترميم “ بعيدا عن مخططات الدولة التي تحب القوي الناعمة لكن باعتبارها إمتداداً للشئون المعنوية.