ماذا لو بدأت من كليشيه نتأمل فيه صورة زعيم المشاغبين وهو يخطو نحو الثمانين. لعبة مرايا متعددة نرى فيها صورنا المتناقضة مكبرة. مثيرة للكوميديا. خالدة خلود الإفيه؛ تلك النغزة التي تراكمت وصنعت فهماً للعالم؛ لعادل إمام منه النصيب الأكبر. كيف كانت رحلة المراهق إلى شيخوخته؟ كيف عاند مرور الوقت وصنع منه زمناً من الصعب تفاديه. هو أكبر قصة عن الرجل الصغير منذ أن جعل نجيب الريحاني الرجل الصغير بطلاً. وأتيح لعادل إمام أن يدخل به أقاليم ومدارات تحكمها الغريزة و اهتزاز التوازن بين الإرادة والوعي. الربح و الخسارة. الإنتقام والصفح.
لعبة تخص الزمن. رعب عادل إمام وأداته في فرض إقامته الطويلة على عرش النجومية، خصوصًا وأن عادل إمام نفسه هو صانع ومصنوع من كليشيهات الأربعين سنة الأخيرة. بل إنه إذا شرحنا الوعي واللاوعي سنجد عادل إمام ساكن ذلك الجزء المطمئن المحبب من رحلتنا في الحياة. الجانب المستقر حتى في تمرده، المضمون حتى في انتقامه، المعروف آخره ولو بدأ بمغامرة، أو الرحالة الذي يعرف الجميع أنه سيعود…
هو ابن كل المتوقع في حياتنا، كان معنا ثم أصبح علينا؛ سيقول الحالمون والواقفون عند تحليل العالم من منطق الصراع بين الطبقات الحاكمة والمحكومة. كان منسحقًا وأصبح ساحقًا، كان متمردًا فأصبح أداة لكسر التمرد. ومحبًا فقد أصابعه واستبدل بها فوهة شفاط كبير، كان هنا في الشارع وصعد إلى القصور… كان موهوبًا وأصبح مديرًا لموهبته… وجهًا وأصبح قناعًا… هكذا يتأسى الباحث عن الخيط الرفيع بين الزيف والحقيقة… بين الخير والشر؛ وكأن العالم ليس مصنوعًا من مادة رمادية تخضع للتلوين وفقًا للوعي والنضح والقرب أو البعد عن اليقين.
هل الكليشيه قرين عادل إمام؟ عندما عرضت مدرسة المشاغبين في التليفزيون لأول مرة بعد انتفاضة الخبز في يناير 1977، اتُهم عادل إمام وعصابته بإفساد الجيل الجديد، وتحريضه ضد “الأخلاق الرشيدة” والأبوة الواعظة المعلمة، واليوم عادل إمام في النظرة العامة ينتمي إلى السلطة، بمعناها الواسع والضيق،مندمجاً في شبكاتها المعقدة، وداخلاً في حروبها الأهلية. ابن مصالحها،ضابط موجات الرأي العام علي ماتريده.وعندما نحاول تفسير استبعاده من موسم رمضان 2019 سنراها عملية تحطيم لزعيمالالهة من أجل إعلان سيطرة “الحكام الجدد“، أو للانتقام من “كبيرهم” ليرضخ الجميع؛ فقد كان عادل إمام الزعيم المتربع وحده، عابرًا من زمن مبارك، مستقرًا، لكن الأمور تغيَّرت؛ ونحن في زمن الانقضاض على كل ذلك؛ بعدما أصبح المعبد كله تحت قبضة المنتصر الجديد.
هل هناك مهرب من الكليشيه كلما جاءت سيرة عادل إمام بالمحبة أو الكراهية؟ وهل يكفي الحب أو تنفع الكراهية إذا أردنا أن نرى عادل امام … ونرى من خلاله صورتنا عن أنفسنا؟
من أجل ذلك اخترت لعبة “البازل” لبناء صورة عادل إمام من قطع صغيرة، يمكنك أن ترصَّها بطريقتك لتصنع صورتك أو لعبتك عن عادل إمام… محاولة قد تنجح أو تفشل للهروب من روح النمطية المهيمنة والقابضة… جرب معي.