في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
ولدت الطفلة ملك (اسمها الحقيقي زينب بدر الدين الجندي) في 28 أغسطس 1902، في بيت لا يمت إلى الفن بصلة في حي «الفجالة» بالقاهرة. وقد اعتادت في طفولتها أن تتسلل إلى شوادر الغناء التي يقيمها أعيان الحي، حيث يستمعون خلالها إلى شيوخ الطرب. وفي إحدى المرات تعلّقت الطفلة بطريقة عزف إحدى المطربات على آلة العود، وأخذت تفكر في كيفية تعلمها. ولعل أبرز ما حفظته في تلك الفترة أغنية «لآخر لحظة أديني وياك» التي أنشدتها مطربة الحفل. وانتقلت الأسرة بعد ذلك إلى حي «الحلمية» حيث التحقت الطفلة بمدرسة «النظارة» الابتدائية. وكانت شديدة

ملك، مجلة الناقد
التعلق بآلات العود التي تشاهدها يوميًّا عند مرور الترام من شارع الخليج المصري إلى باب الخلق، حيث يوجد حانوت الموسيقار محمد القصبجي لبيع الآلات الموسيقية. وفي إحدى المرات ادعت الطفلة المرض وأضربت عن الطعام حتى اضطرت الأم في نهاية المطاف إلى شراء أحد الأعواد لها بعد نصيحة الطبيب؛ فحصلت على العود الأول في حياتها من القصبجي نظير سبعين قرشًا وجاء أحد الشيوخ المعممين ليعلمها العزف عليه، وعن طريق أحد أقاربها الذي كان مقربًا من الموسيقار إبراهيم القباني نجحت في الحصول على دروس في الموسيقى والغناء. وطلب القباني من والدتها أن ينتقلوا من الحلمية إلى شارع محمد علي حيث يقيم وهناك بدأت الطفلة دروسها الأولى في عالم الغناء والطرب (دون توقيع: حديث طريف لمطربة العواطف السيدة ملك، الراديو المصري، 27/5/1939، ص ص 10 – 14). وكانت أولى حفلاتها على مسرح البلدية في مدينة طنطا بعد أن اختار لها الخطاط حسني البابا (والد المطربة نجاة الصغيرة) اسمًا فنيًّا هو ملك بدلًا من زينب. وعلى الرغم من أن البداية كانت متعثرة، حيث سقطت من شدة الخوف على المسرح فإنها استعادت اتزانها مجددًا وعاودت الغناء. وأنشدت في تلك الحفلة أغنيتي «لآخر لحظة أديني وياك» و«خفيف الروح بيتعاجب». وانقطعت لفترة عن الفن، عادت فيها لتصقل مواهبها الفنية حتى اتفق معها أحد المتعهدين على إحياء عدد من الحفلات على مسرح حديقة الأزبكية بين الفصول المسرحية ولكن صغر سنها كان عقبة في سبيلها فاكتفت بإحياء الحفلات الخاصة (ملك: حياتي، مجلة الراديو المصري، 15/10/1946، ص 10).