حين ركزت الكاميرا عليه، بدا كرجل مافيا هاو؛ يرتدي نظارة شمسية حمراء لامعة، وساعة يد في كل معصم، وفي فمه سيجار كوبي ضخم يغطي دخانه جزءًا من وجهه، يأخذ الهواء الدخان نحو لافتة عملاقة – لم يعرها الرجل أي اهتمام – مكتوب عليها “مرحبًا بكم في كأس عالم بلا تدخين“!
إنه دييجو أرماندو مارادونا؛ أسطورة كرة القدم في كل الأزمنة، وقد حافظ على عاداته في كسر القواعد، وارتداء ساعتي معصم –إحداها تُظهر التوقيت المحلي للمدينة التي تقام فيها المباراة، والأخرى للتوقيت في بلده الأم، إنه ذو 57 عامًا، يشاهد مباراة منتخب بلاده المأزوم – أمام قوة صغيرة اسمها أيسلندا – على الرغم من وجود الأسطورة الأخرى: ميسي.
بعدها بعدة أيام بكى مارادونا وهو يشاهد هزيمة الأرجنتين أمام فريق كرواتيا القوي بثلاثة أهداف وأداء محبط، في الوقت الذي رفع بعض مشجعي الأرجنتين الفانلة رقم 10، لكنها كانت تحمل اسمه هو: مارادونا، لا ميسي!
في منتصف لقاء تليفزيوني في يناير 2017 فاجأ فيفا – الاتحاد الدولي لكرة القدم – مارادونا بلقاء مع الكأس؛ كأس العالم التي حملها بطلاً منذ 32 عامًا، قبل أن يحمل معدو الحلقة الكأس إلى مارادونا كان يتحدث عنها. وعلى ملامحه يظهر حنين لتلك اللحظة، قال مارادونا “إنها أعظم لحظة يمكن أن تمر بلاعب كرة قدم؛ حين يكون كأس العالم بين يديك، وحين تشعر بوزنها، وقد كنت محظوظًا لأختبر هذا من بين آلاف اللاعبين، شعرت ساعتها أنني ممتن لله لأنه جعلني لاعب كرة قدم” هنا اختفت الملامح المافايوية المزيفة، وظهرت ملامح عاشق قابل حبيبته بعد سنوات، لمعت نظرة الوله في عيني النجم الأسطوري حين أعادوا إليه الكأس في لحظة لا جماهير تهتف فيها، ولا حماسة في المدرجات “إنها جميلة.. إنها جميلة” كانت أول جملة يقولها مارادونا وهو يحتضن الكأس ثانية بعد غياب طويل، وتمنى بعدها للاعبي بلاده أن يشعروا بـ“وزن” الكأس “إنه شيء تحارب من أجله بالرغبة والشغف نفسيهما، بحلم كبير أن تقترب منه“، كانت نظرات مارادونا تنتقل بين محدثه والكأس المستقرة على ذراعه اليمنى، وتمنى لو يأخذه معه “إنه يعني كل شيء، لقد حصلت على العالم بكامله في يدي الآن، العالم بكامله يلعب كرة القدم“. وفي وضع أقرب لوضع القبلة أنهى مارادونا اللقاء قائلاً “أنا أحبها“.
في منافسة متخيلة لا تعنيه كثيرًا، يقارن البعض بإصرار أحمق بين مارادونا وميسي، ويستمر ذلك المجرم العاشق في كسر القواعد وتشجيع بلاده وسرقة محبتنا.