في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
ولدت نادرة أمين محمد مصطفى في العاصمة اللبنانية «بيروت» لأب مصري وأم لبنانية وجد تعود أصوله إلى بلدة «رشيد» المصرية. كان والدها يعمل بالتجارة قبل أن يهجر البيت في بيروت بهدف السفر إلى أمريكا للعمل. ولم تكد تبلغ الفتاة عامين حتى فارقت والدتها الحياة وظلت الفتاة تحت رعاية عمتها وجدتها لأبيها. وقد ولدت بهذا الاسم الذي اختاره لها والدها في رسالة بعث بها إلى الأسرة من أمريكا عندما علم بخبر ولادة طفلته. التحقت الفتاة بإحدى المدارس الابتدائية للبنات في بيروت حتى بلغت العاشرة من عمرها. ومرة أخرى وجدت حالها أمام مرارة اليتم بوفاة جدتها، مما اضطرها إلى ترك المدرسة والإقامة عند إحدى أخواتها المتزوجات. ورغبة منها في أن تستكمل الفتاة تعليمها أحضرت أختها مدرسًا إلى المنزل ليلقنها بعض العلوم الأساسية (نادرة: حياتي، الراديو المصري، 21/9/1946، ص 9). وبدأت مواهب نادرة الغنائية تتفتح تدريجيًّا مع الوقت فقد كان للجيران جهاز حاكي (فونوجراف) تستمع من خلاله باستمرار إلى أغنية يقول مطلعها: «يقولون ليلى في العراق مريضة *** يا ليتني كنت الطبيب المداويا» وهو أحد أبيات قصيدة مجنون ليلى. كانت نادرة تجمع فتيات الحي على سلم البيت وتردد لهن هذا المقطع بعد أن تضرب على رِق صغير وقطعة خشب شدَّت عليها أوتارًا من الأسلاك حتى صنعت منها عودًا صغيرًا. وخلال هذا الجو الطفولي بدأت في الاستماع إلى قصائد الشيخ سيد الصفتي وموشحات الشيخ سيد درويش وتقاسيم الموسيقار محمد القصبجي على العود. وعند وصولها إلى سن السادسة كانت قد حفظت هذه الأعمال عن ظهر قلب، كما أن دروس العزف على العود التي قدمها إليها يوسف عمران جعلت منها عازفة ماهرة.