في مجلتنا الجديدة نشاركك مقالات وأفكار تبحث عن الجمال والحرية، وتفتح مساحات لاكتشاف سرديات جديدة بعيدًا عن القوالب الجاهزة.
كان الوالد يعمل بواحد من حوانيت القاهرة حينما ولدت طفلته شهرزاد (مولودة باسم شفيقة محمد السيد) بقرية «الراهب» من أعمال مركز شبين الكوم بمحافظة المنوفية عام 1922. ومع قدوم الطفلة نزحت الأسرة إلى القاهرة لتستقر بحارة «الروم»، قبل أن تلتحق الفتاة بمدرسة أولية تعلمت فيها الأناشيد المدرسية. واختارها الملحن علي فراج لتكون تلميذة الأناشيد الأولى بين صديقاتها عقب مسابقة أُجريت حينها. وتفتحت أذنها تدريجيًّا على الغناء والموسيقى، إذ كان شقيقها الأكبر عازفًا للعود وله صوت لا بأس به. وكانت أولى الأغنيات التي ترددها الطفلة «ياما أرق النسيم» التي غنتها ليلى مراد في فيلم «يحيا الحب» عام 1938. لكن يبدو أن رغبتها في الغناء تعارضت مع موافقة الوالد فقرر منعها من الذهاب إلى المدرسة. وحاول الأخ الأكبر أن يقنع والدها بضرورة تعليمها الغناء والموسيقى. فكانت تتسلل إلى الأفراح الشعبية لتستمع إلى المطربين حتى بلغت من العمر 15 عامًا. وبدأت مع أخيها في حفظ بعض الأدوار والأغنيات لإحياء الليالي عند الأقارب والأصدقاء. وبعد عامين ذهبت إلى الموسيقار محمد القصبجي فأعجب بصوتها ونصحها أن تحفظ بعض الأدوار القديمة والموحشات وأغنيات الشيخ سيد درويش. وانطلقت في السينما عن طريق الدوبلاج الصوتي لبعض الأفلام السينمائية مثل مصنع الزوجات (1941) وابن البلد (1942) ورباب (1942) قبل أن تظهر على الشاشة في حبابة (1944). وبدأت في إحياء بعض الحفلات على مسرح الأزبكية قبل أن تتقدم إلى الإذاعة الحكومية وتشارك في عدة برامج غنائية أمثال «غرام الشعراء» و«الربيع» و«مشرق الهدى». وسافرت إلى «بغداد» لمدة ثلاثة أشهر أحيت خلالها بعض الحفلات في مقهى «الفارابي» و«الجواهري». وغنت لمدة ستة أشهر في إذاعة بغداد والقصر الملكي. وعقب ذلك سافرت لتسجل بعض الأغنيات في إذاعتي «القدس» و«الشرق الأدنى» قبل أن تعود مجددًا إلى القاهرة (شهرزاد: حياتي، الراديو المصري، 15/2/1947، ص 14).