في عام 1976، صنع المخرج الإيطالي الشهير فيلمه “1900” بأموال منتجين أمريكيين؛ أي الدولة الراعية للرأسمالية، واستطاع أن يصوِّر في هذا الفيلم أكبر علم شيوعي في تاريخ السينما، فكانت صفعة على وجه الرأسمالية بأموال رأسمالية. وفي عام 2022، صنع المخرج مروان حامد فيلمه “كيرة والجن” عن الهامش منتقدًا المتن. فيلم عن بطولات أبناء الليل ضد الاحتلال البريطاني مقابل فساد وتخاذل السلطة. فيلم بأموال السلطة يظهر السلطة وقت الاحتلال البريطاني كتابع للاحتلال والقصر الملكي.
يحكي “كيرة والجن” عن مجموعة من المناضلين وقت الاحتلال البريطاني لمصر وهم أحمد عبد الحي كيرة (كريم عبد العزيز)، وعبد القادر شحاتة الجن (أحمد عز)، ودولت (هند صبري)، وإبراهيم شوكت (أحمد مالك)، ونرجس (هدى المفتي)، وراغب (علي قاسم) ونعيم (محمد عبد العظيم)، وإبراهيم الهلباوي (سيد رجب)، الذين يكونون خلية مقاومة تقوم بعمليات فدائية ضد الاحتلال.
تطور تكنيكي
يبدو الفيلم للوهلة الأولى فيلمًا بسيطًا؛ مجرد فيلم مغامرات عن مجموعة أفراد قادتهم الأقدار كي يكوِّنوا خلية لمقاومة الاحتلال الإنجليزي في العشرينيات والثلاثينيات من القرن العشرين. لكن الحقيقة أن الفيلم أكثر عمقًا من هذه الرؤية السطحية، وهو ما يجعلني أرى أنه أفضل فيلم مصري عرض في عام 2022، بل ربما يكون واحدًا من أفضل الأفلام التي عرضت في السنوات الأخيرة.
لا ينكر أحد التطور الكبير الذي شهده هذا الفيلم، إذ تفوق كثيرًا على الأفلام المصرية حتى المصنوعة بجودة فائقة؛ فعلى مستوى الصورة استطاع مدير التصوير أحمد المرسي أن يقدم لقطات ومشاهد وتتابعات تؤكد حرفيته وقدرته على حكي القصة وتطورها عبر الصورة، مستخدمًا إضاءة معبرة حسب كل لقطة. بالإضافة إلى حركة كاميرا مبهرة في انسيابياتها في أوقات محددة وعنف حركتها في أوقات أخرى، وذلك مع أن أغلب الفيلم صور في الليل أو في أماكن مظلمة ليتناسب مع الشخصيات والأحداث.
في فيلم يعتمد على الحركة، نجد مصمم المعارك أندرو ماكنزي وقد استطاع أن يخلق مشاهد حركة مصرية إلى حد كبير. بالتأكيد استفاد من التطور العالمي في صنع المعارك، لكنه عاد إلى التاريخ المصري من أجل أن يقدم لنا “الخناقات” و”العركات” المصرية في هذا الوقت.
بالإضافة إلى مونتاج أحمد حافظ الذي كان جزءًا رئيسيًّا في حكي الحدوتة بالتقديم السريع للبطل أحمد كيرة ثم تقديم بطل آخر وهو الجن، ثم بقية الأبطال ثم التباطؤ رويدًا رويدًا لجعل المشاهد يأخذ نفسه ويستعد لأحداث الفيلم نفسها. وهي الطريقة التي اتبعها فقدم تخطيطًا يتطلب إيقاعًا بطيئًا ثم معارك تتطلب إيقاعًا سريعًا. بينما استطاع، وعلى الرغم من طول الفيلم، ألا يُشعر المشاهد بأي نوع من الملل.
أيضا كان لديكور باسل حسام وأزياء ناهد نصر الله نصيب كبير؛ إذ بُنيت ديكورات كاملة وصنعت الأزياء للإيحاء بهذه الفترة الزمنية. بينما كانت المؤثرات البصرية من جرافيك تحت إشراف تامر مرتضي قادرة على سد الفجوات التي لا يمكن أن تصور بشكل طبيعي إذا كانت أماكن أو انفجارات أو غيرها من المؤثرات التي كان يحتاجها الفيلم.
سيناريو أكثر احكاما
كل هذا يأتي تحت قيادة مخرج اعتبره أهم مخرج في جيله وهو مروان حامد. فعلى الرغم من بدايته؛ الطفل الذي ولد وفي فمه ملعقة من ذهب في “عمارة يعقوبيان” 2006 فقد أثبت في “إبراهيم الأبيض” 2009 أنه مخرج متمكن متطور على المستويين الفكري والتكنيكي، ضاع للأسف في غياهب الشعبوية لسنوات مع جزئي “الفيل الأبيض” وغيرهما ومع التعاون مع كاتب أدب الفتيان أحمد مراد. لكن في “كيرة والجن” مع قرينه مراد استطاع أن يعود مرة أخرى إلى التوليفة المثالية التي نحتاج إليها أشد الاحتياج، التي لم تعد موجودة في السينما المصرية المعاصرة. وهي صنع أفلام تجارية جيدة الصنع وفي نفس الوقت تحتوى على مستويات تلقٍ مختلفة تجعلها جذابة للمشاهدين وتحظى بتقدير النقاد. احتاج فيلمه “إبراهيم الأبيض” لسنوات كي يرد الاعتبار له كواحد من أفضل الأفلام في تاريخ السينما المصرية، ورأيي أن “كيرة والجن” لا يقل أهمية أبدًا عن “إبراهيم الأبيض”.
لا تأتي أهمية فيلم “كيرة والجن” فقط في التطور التقني الذي شهده، وهو نفسه أمر مهم للغاية، فدون تقنيات لا توجد سينما ولا يمكن التعبير عن الأفكار، لكنها أيضًا تأتي من الرؤية الفكرية التي يقدمها الفيلم. وهو أمر لم ينتبه له الكثيرون ممن تناولوا الفيلم بالنقد، بخاصة لجنة اختيار الفيلم المصري المرشح لجائزة أفضل فيلم أجنبي بجوائز الأوسكار، فقد اعتبروه مجرد فيلم تجاري فيه الكثير من المعارك والانفجارات والقليل من الأفكار والعمق الفكري.
شخصيات مابعد حداثية
دعونا نتأمل هذا الفيلم بشخوصه المختلفة؛ لدينا مجموعة من الفدائيين الذين يكونون خلية لمقاومة الاحتلال، يتزعم هذه الخلية أحمد عبد الحي كيرة وهو طبيب أطلق عليه زملاؤه “صديق الإنجليز”؛ منبوذ وسط أقرانه في المستشفى التي يعمل به. لكنه في الحقيقة عضو رئيسي في المقاومة التي انضم إليها من أجل الانتقام، فقد أعدمت الشرطة المصرية والده بعدما حكم القضاء المصري بإعدامه ضمن أحداث مذبحة دنشواي التي تواطأت فيها السلطات القضائية والتنفيذية المصرية مع الاحتلال الإنجليزي. كان غياب العدالة سببًا رئيسيًّا في قرار كيرة بالانضمام إلى المقاومة.
بينما نجد عبد القادر شحاتة الجن ابن ليل، مثلما كان يطلق على البلطجية وقتها، ونصاب يعيش حياة الانحلال الكامل. لكنه أيضًا يهرب من الواقع المزري في مصر بسبب الاحتلال البريطاني وغياب العدالة. فلا يمكن أن ينسى حال والده الذي فقد الرغبة في الحياة بعد أن هزم الإنجليز الجيش المصري بعام 1882 بعدما خان أفراد من الجيش نفسه أحمد عرابي ورفاقه الذين حاولوا مواجهة الاحتلال البريطاني والملك وحاشيته. الخيانة والفساد المستشري في البلاد لعقود طويلة كانت سببًا في انسحاب الأب من الحياة وعدم خروجه من بيته لعقود وانسحاب الابن من الفاعلية والتمرغ في حياة الليل والبلطجة. وتأتي الشرارة التي دفعت الجن للانضمام إلى المقاومة حينما يقتل الإنجليز والده. حينها يحاول الانتقام لوالده مستخدما سيف والده حينما كان في الجيش. ولكن بسبب عشوائيته يفشل لكنه في نفس الوقت يتعرف على أفراد المقاومة التي تشذب انتقامه وتوجهه إلى صدور الاحتلال.
بينما نجد دولت فهمي، وهي امرأة مسيحية من صعيد مصر، تترك قريتها في الصعيد كي تتعلم ثم تعمل بالتدريس في مدرسة لتعليم الفتيات بالقاهرة. وهي عضو بجمعية تحرير المرأة، وتعاني بالتأكيد بسبب هذه الصفات جميعها. فالمميزات في المرأة هي التي تجعلها تعاني في المجتمعات التي تريدها السلطة أن تظل متخلفة؛ تعاني كامرأة في مجتمع ذكوري، وتعاني كمسيحية في مجتمع مسلم عنصري بسبب الجهل، وتعاني كصعيدية بسبب عدم تفهم أبناء بلدتها وعلى رأسهم أسرتها. ومع أنها امرأة فإنها أكثر صلابة من أخيها الرجل، الذي شارك في الحرب العالمية الأولى ففقد النطق والاهتمام بالحياة بسبب الأهوال التي شاهدها. وفقد، وهو الأهم، شعوره بأنه رجل له هيبته، ما يجعله في النهاية يريد أن يستعيد رجولته بقتل أخته بدعوى أنه الرجل الذي يجب أن يحافظ على شرفه؛ يقتلها بسبب ضعفه وجهله فهو لا يعرف أنها عضو فاعل في المقاومة ضد الاحتلال وأنها كانت تحاول أن تنقذ عبد القادر الجن حين ادعت أنهما عاشقان.
فساد السلطة وسردياتها الزائفة
نجد أيضًا نجيب الهلباوي، موظف حكومي سابق فُصل من عمله بسبب نشاطه السياسي ضد الاحتلال البريطاني ليسجن لفترة. والمفارقة بالتأكيد تأتي من أن الحكومة المصرية تفصله بسبب نشاطه السياسي ضد الاحتلال البريطاني، وهو ما يعكس مدى الفساد الذي كان مستشريًا في مؤسسات الدولة المتآمرة مع الاحتلال ضد الشعب المصري.
يوجد كذلك إسحق نعيم، رجل مسيحي ينتمي إلى طبقة العمال المثقفة. هو بالتأكيد ينتمي إلى أقلية ولكنه أيضًا يعبر عن الوعي والحركة العمالية الشيوعية التي كانت في أوجها آنذاك، وكان لها الكثير من الأهداف السامية والمحاولات المستمرة التي توقفت قهرًا بعد ثورة يوليو.
ونجد أيضًا إبراهيم شوكت، ابن الذوات الأرستقراطي. وهو نفسه ما يتناقض مع سرديات ثورة يوليو التي كانت تؤكد دائمًا أن كل الأرستقراطيين أولاد الذوات منتفعون ومتواطئون مع الملك والاحتلال.
بينما نشهد ألكساندرا؛ وهي فتاة أرمينية. ومع أنها من أصول غير مصرية فإنها تعتبر نفسها مصرية وتقرر المشاركة في المقاومة ضد الاحتلال البريطاني.
كما نجد راغب داود، وهو يهودي، لكن ذلك لم يمنعه أن يشارك في المقاومة، ما يتناقض مع سرديات ثورة يوليو التي تعتبر كل اليهود الذين كانوا يعيشون في مصر خونة. ونجد شخصية أخرى وهي نرجس، وهي راقصة وفتاة ليل. ترقص وتنام مع جنود الاحتلال من أجل تمكين المقاومة من قتلهم.
بروباجندا لا تلقى صدى
كل هذه الشخصيات مهمشة في المجتمع، والكثير منها لا يزال يعاني التهميش. وهو ما يجعل الفيلم يستعيد الماضي من أجل أن يلقي الضوء على الحاضر. فنحن نعيش اليوم في عصر تمجد فيه السلطة نفسها عبر أعمال فنية تنتمي فكريًّا إلى الستينيات من القرن العشرين، مثل فيلم “الممر” 2019 إخراج شريف عرفة، أو سلسلة مسلسلات “الاختيار” 2020 إخراج بيتر ميمي، وهما من إنتاج الشركة التي أسسها النظام من أجل تلميع نفسه، بينما نجد أفلامًا يحاول صناعها أن يستميلوا النظام، بعدما استطاعت شركة النظام أن تحتكر السوق وتجعل كل الشركات الأخرى تتوقف عن الإنتاج لفترة، ما دفع السبكي لإنتاج فيلم “حرب كرموز” 2018، مستخدمة نجم الشركة المفضل أمير كرارة ومخرج الشركة المفضل بيتر ميمي. أو الفيلم القصير “المهمة” الذي أنتجه السبكي أيضًا وعُرض في احتفالات عيد الشرطة عام 2021. المحاولات التي جعلت الشركة المحتكرة تترك المجال قليلاً لعائلة السبكي لتنتج بضعة أفلام سنويًّا، أغلبها إنتاج مشترك مع الشركة المحتكرة نفسها!
كان صناع فيلم “كيرة والجن” بالذكاء الكافي ليصنعوا فيلمًا كهذا في هذه الظروف الصعبة. بل استطاعوا أن يصنعوا فيلمًا بأموال الشركة المحتكرة عبر نجومها مثل أحمد عز وكريم عبد العزيز، لكنهم لم يمجدوا السلطة والمتن مثلما يفعل صناع الأعمال الفنية الأخرى، بل مجدوا المهمشين في المجتمع وانتقدوا الفساد والظلم الذي تفرزه السلطة فتحول حيوات الناس إلى جحيم.
فمثلما يقول الكاتب صلاح عيسى في كتابه “أفيون وبنادق” كان فساد مؤسسات الدولة سببًا رئيسيًّا في ظهور المقاومة ضد الاحتلال البريطاني من المهمشين والخارجين على القانون. فقد انضم إلى المقاومة الكثير من أبناء الليل، الذين أصبحوا في هذه الفئة بسبب غياب العدالة، وهو ما نجده مؤكدًا في التراث الشعبي المصري الذي يتركز على غياب العدالة”، وهي المعضلة التي أراها معبرًا رئيسيًّا عن هم الإنسان المصري منذ “شكاوى الفلاح الفصيح” مرورًا بشخصيات وحواديت على الزيبق وأدهم الشرقاوي وحتى عزت حنفي!
ثورة يوليو ضد الجيش
الكثير من الشخصيات التي اعتبرتها السلطة خارجة على القانون كان خروجها رد فعل لغياب العدل عند مؤسسات الدولة، وهي نفسها الشخصيات التي كانت جزءًا رئيسيًّا من المقاومة ضد تعاون السلطة والاحتلال الذين كانوا يقهرون الشعب. وهي الشخصيات التي تركت أصداء في الكثير من الثقافات العالمية؛ مثل اللص الشريف الذي يسرق الأغنياء ليعوض الفقراء، الذي يتغنى بسيرته الفقراء في لياليهم الطويلة المعوزة كشخص ينتمي إليهم استطاع أن يتلاعب بالفئات التي تتلاعب بهم وتقهرهم، بداية من أرباب الأعمال، مرورًا بالشرطة التي تحميهم ونظام الدولة الذي لا يهتم بتقديم خدمات لهم لكنه يهتم فقط بجباية الضرائب.
في العقود الثلاثة بعد ثورة 1919، كان هؤلاء المهمشون الذين نراهم في فيلم “كيرة والجن” الطليعة التي استطاعت أن تقاوم الاحتلال البريطاني والسلطة التابعة له، وبخاصة أن الجيش والشرطة كانا تابعين للقصر والاحتلال، وحتى من لم يكونوا تابعين لم يكن لديهم من الأسلحة أو التدريب المؤهل كي يقاوموا الاحتلال. بل في أحيان كثيرة كانت المقاومة لديها من الأسلحة والتدريب ما يجعلها أكثر تفوقًا من الجيش والشرطة الرسمية. وقضية الأسلحة الفاسدة في حرب 1948 خير دليل على ذلك. فقد كانت المقاومة تسرق أو تشتري أحدث الأسلحة المهربة من معسكرات الجيش البريطاني في مصر وخارجها، وهي نفسها المشكلات التي لمسها الضباط الأحرار وحثتهم على الثورة لا على القصر والاحتلال فقط، بل أولا ضد الجيش نفسه وقادته الموالين للجيش والاحتلال الذين كان هدفهم إضعاف هذا الجيش كي يبقى الحال على ما هو عليه.
بطولة الهامش وفساد المتن
صنع المخرج مروان حامد فيلمًا عن الهامش منتقدًا المتن. يتغنى بالمهمشين والمقهورين بينما ينتقد السلطة والمسؤولين والسياسيين الذين كانوا ولا يزالون سببًا في الأزمات التي عاشتها وتعيشها مصر حتى الآن. قدم صناع الفيلم فيلما يتغنون فيه ببطولات من اعتبرتهم السلطة خارجين على القانون؛ فسجنت بعضهم ونبذت وشهَّرت بالبعض الآخر. بينما قدم الفيلم السلطة من تشريعية وقضائية وتنفيذية فاسدة ومتخاذلة وجزءًا من توطيد حكم الاحتلال البريطاني في مصر لسبعين عامًا. قدم صناع الفيلم كل هذا بذكاء شديد باستخدام أموال السلطة الحالية نفسها. وهو ما اعتبره جزءًا أصيلاً من دور الفن في التعبير عن هموم وآمال وطموحات الشعوب.
فالأفلام التاريخية لا تصنع اعتباطًا، بل تصنع من أجل التذكير بالماضي، ومن أجل التعامل مع الحاضر. فأحداث “كيرة والجن” هي صدى الماضي في الحاضر، وهي بالتأكيد واحدة من الأسباب الرئيسية التي جعلت المشاهدين يتأثرون بفيلم جعلهم يرون حاضرهم في ماضيهم، فالفساد لا يزال منتشرًا، وغياب العدالة لا يزال أزمة تؤرق الناس، والشعور بالخزي وفقدان الأمل، بخاصة مع الأزمات الاقتصادية المتلاحقة تجعل الناس في حالة من الغليان الأقرب للانفجار. وهي نفسها الأسباب التي تدفعهم إلى الحلول الفردية والاستغناء عن الدولة والسلطة التي لا فائدة منها البعد عنها غنيمة. لهذا تنتشر صفات الفردانية والفهلوة أو كيانات التضامن الاجتماعي الشعبي كالجمعيات كنوع من الحلول للأزمات التي تسبب فيها المسؤولين أنفسهم مدعين أن الناس أو التعداد السكاني هو سببها. كلها محاولات فردية من أجل تلافي الهاوية عبر العيش في الظل وعلى الكفاف أو الثورة التي أثبتت عدم جدواها.
ينتهي فيلم “كيرة والجن” بقيام ثورة 1952 التي كانت نهاية طريق طويل خاضته المقاومة المصرية لعقود طويلة. الثورة التي أطاحت لاحقًا بالملك والاحتلال وفساد مؤسسات الدولة المختلفة. لكنها أسست دولة تتغنى بإنجازاتها فقط وتتناسى إنجازات سبعين عامًا من نضال كانت الحكومة المصرية تعتبره إجرامًا، فتسجن وتعدم أفراد المقاومة، أو على أقل تقدير تعتبرهم سببًا في عرقلة التفاوض السلمي من أجل الاستقلال مع بريطانيا. ليأتي الفن ويقدم لنا سردية مختلفة عن السرديات النظامية في محاولة منه لإحقاق الحق. محاولة تستخدم الفن الأكثر شعبية وهو السينما لتصل إلى عقول وقلوب ملايين المشاهدين المؤهلين لتبني هذه السردية عوضًا عن السرديات التي حشيت بها رؤوسهم لعقود طويلة.