البناية السكندرية التي جعلت من عبد السلام حمدي (أول نجم كروي شعبي مصري حتى قبل حسين حجازي) مشردًا بين شوارعها قيل أنها صنعت غبارًا كثيفًا لدى سقوطها في الأنفوشي في أول سنوات الثمانينات، لكنه غبار لم يستطع حجب إعلان أمواس لورد القابع بجانب البناية. ولا كل صور السلويت لوجه طارق نور التي التصقت بلا وعي أبناء الحي بأكمله. لا بوجه الخطيب الملازم للورد أو لشريط الفيديو الدعائي الخاص به، الذي يلامس 90 دقيقة، الغبار يكسي الصفحات الأولى لجرائد ذلك اليوم في الشوارع المحيطة للبناية، لكن يمكن رؤية بكل وضوح حالة عطش السلطة لأقرب موعد مباراة يمكنها أن تخفف وطأة انتظار عام الرخاء أو نسيان تبعات العزل العربي لمصر في أعقاب اتفاقية السلام مع إسرائيل. نفس العطش الشعبي للنشاط الوحيد، الذي يتم معايشته على نحو جماعي ـ بكل مشتقاته العشق، الكراهية، السب ، الرغبة في تحطيم المدرجات أحيانًا. الاحتفال بأوراق الجرائد المُشتعلة في أوقات أخرى، ومن وقت للأخر ترك مساحة صغيرة لتجار السيراميك والحلويات الصغار إعلان تأيديهم لقيادة السياسية على نحو علني، موضوعة على نحو استراتيجي يمكن لكاميرات المخرج ابراهيم لطيف التقاطها على نحو يبدو عفويًا. مفارقة كبيرة أن تكون موسيقى إعلانات أمواس “إنجرام” و”لورد” – المكتظة بنجوم اللعبة – في مقدمة شريط الصوت الخاص بتلك الحقبة. كان الشعور بهذه الفترة طاغيًا فيما يتعلق بتربية اللحي، لكنها جزء بسيط من مفارقات عالم ما بعد قرارات 1975 الاقتصادية أو ما يعرف بالمحاولات الأكروباتية المتواصلة لاستخراج الذهب من مناجم الفحم أو ذلك الهاجس المتواصل لتأسيس خلال سنوات الشباب ما سُمي:”الخميرة”، تلك الحقيقة التي استيقظ عليها الشباب آنذاك من مواليد كل الشهور التي تلت يوليو 1952. سلسلة “إنجرام” تلهث وراء مشروع “الخميرة” القومي المصري بين رأس سنة 1980 وآخر ليلة في ديسمبر 1990 . “رأس المال” الذي تمّ صنعه على أكتاف ما سمى “بيزنس كرة القدم” في عالم ما زال يأخذ مصروفه الحكومي. يقفز رأس المال في وجهك على هيئة مشاريع “اجانس السيارات” في أزقة المهندسين المصنوعة من الألوميتال الخام، ونهايةٍ بكل ما يظهر إلى جانب مدحت شلبي في استوديوهات نهايات عام 2016. جيل في صور مختلفة من “الفلاسفة” و”الأسطوات” و”النجوم”، رأس المال الذي يتحول من عملة سائلة إلى نوستالجيا صافية، مسحوق “الزمن الجميل”، الذي يتم تسخينه تمهيدًا لحقنه في الوريد على هيئة حلقات برنامج “صاحبة السعادة”. ذلك الشعور بأن كل شيء بخير، تمامًا مثلما كانت مباريات الأهلي أيام الجمعة ستأتي دومًا بعد تفسيرات الشعراوي. بصرف النظر عن صفقات التونسي للدجاج الفاسد أو الألبان المُشِعَّة، أحداث الأمن المركزي. العلاقات الإنسانية لعصر “إنجرام” كانت نسخًا مكررة من اسكتشات إعلانات بنطلونات “الهلباوي رانجلر” بين مصطفى عبده وإبراهيم يوسف في حب مصر ولتسديد ديونها.